19/10/2011

الهوية الليبية الضائعة بين العروبة و نوميديا



 فى أعقاب الثورة الليبية  طفت على الضوء  مسألة خفية للكثير من ابناء ليبيا ولكنها مسألة مهمة وهى مسألة ظهور العلم الأمازيغي مما جعل  الليبيون  يتهامسون حول  الهوية الأمازيغية وكذلك امكانية وجود نوايا سياسية مستقبلية امازيغية .
ليبيا كدولة تقع فى شمال افريقيا بين بلدان المغرب ومصر عانت من الفكر الشرقي العروبى الذى أطلقه عبد الناصر وغيره في   خمسينيات القرن المنصرم ، و فرضه القذافى خلال السنوات التي قضاها في الحكم ، والذى كان يعتبر  أن الثقافة العربية  هى الهوية الوحيدة  فى ليبيا ,علامة الماضي الذهبي و كذلك المفتاح السحرى  لمستقبل باهر.

 فما هي الهوية الليبية أذا؟


 اليوم وللأسف   ظل
كثيرا من الليبيين الذين يطلقون على انفسهم عرب وأمازيغ الطريق الصحيح  فى التعريف بالهوية الليبية وغاص كلا من الطرفين  فى جدال عميق  وحربا خفية من أجل انتصار  ثقافة  احدهما والتى قد  لاتمثل التاريخ الليبيى بصورته الصحيحة!
 فليبيا لم تكن  لا عربية ولا بربرية ،  بل مجرد ليبية, حصلت على اسمها من  قدماء المصريين الذين اطلقوا أسم الليبو على قبائل غرب الدلتا وكذلك الأغربق اليونانيين الذين بدورهم اسموا كامل الشمال   ا لأفريقي ليبيا  باستثناء مصر ،  أبو التاريخ هيرودوت فى  كتابه الرابع يتحدث فقط عن ليبيا و عن سكانها الذين سكنوا من السلوم شرقا حتى وادى كعام غربا وجرمة جنوبا ، أولئك الليبيين الذين تركوا آثارهم وبصماتهم على مختلف حضارات البحر الأبيض المتوسط , ف
شيشنق الليبى من قبائل المشواش  كان أول فرعون غير مصرى،و إراتوستينس الشحاتى (شحات برقة) كان أول  من قام بقياس محيط الأرض ، وسيبتيميوس سيفيروس المولود فى لبدة  كان اول امبراطورا لروما , والقديس مرقس او ماركوس المولود قرب سوسة الليبية  هو كاتب احد الأناجيل الأربعة وعلى خطاه تأسست الكنيسة القبطية وجميعهم كان ينتمى الى الأرض الليبية ! 

 أطلقت كلمة البربر على يد الرومان الذين لم يتمكنوا من فهم اللغة الليبية القديمة لغة الشمال الأفريقى كله بأستثناء مصر ، والتي تعود أبجديتها المسماة بالتيفيناغ إلى أربعة آلاف سنة مضت كما نراها اليوم على نقوشات  جبال الأكاكوس في جنوب  ليبيا ، اما كلمة الأمازيغية فقد اطلقها الليبين على انفسهم وتعنى الرجال الأحرار زمن الحكم الرومانى.
 على مدى حقب التاريخ تغيرت معتقدات  الليبيين الدينية  ، فهم وثنيون في البداية يعبدون التانيت الليبية ، ثم يهودا  ومسيحيين الى ان اعتنقوا الأسلام فى القرن السابع الميلادى. فنرى فى ليبيا اليوم اثارا لتلك الديانات فى غرب وشرق وجنوب ليبيا.

على احدى ضفتى الصراع الثقافى القائم  اليوم فى ليبيا, يحاول  بعض الليبين دعاة  عروبية ليبيا فرض الثقافة العربية  فى ليبيا  وكأنها الهوية الحقيقية الوحيدة لليبيا وهم فى ذلك مخطؤن  لأن تاريخ ليبيا وثقافتها  أقدم  الألاف السنين من وصول العرب اليها  كما ذكرت أعلاه ، بل وينسى هؤلاء بأن العرب انفسهم اعتبروا  ليبيا فقط  أرض عبور بين  الجزء الشرقى و الغربي من امبراطورياتهم كالأموية والعباسية. اما عرب اليوم فيروا أن ليبيا هى مجرد صندوق من الرمال يسكنه بعض البدو المستعربون .

على الجانب الأخر من هذا الصراع الثقافى والذى يقوده بعضا من النشطاء الأمازيغ والذين وان وصلوا الى جزاء من الحقيقة فى مايتعلق بالهوية الليبية ، الا أنهم يقعون فى خطئا تاريخيا لايغفر  عندما يربطون تاريخنا الليبى بمملكة نوميديا  ,تلك​​ المملكة الأمازيغية الجزائرية التى قامت قبيل هزيمة قرطاج على يد الرومان وضمت الجزائر وبعضا من اجزاء تونس الجنوبية وغرب ليبيا, ان فى ذلك اجحافا فى حق التاريخ الليبى القائم الاف السنين قبل  قيام ميسينيسا الجزائرى بتأسيس مملكته ! 
النشطاء الليبين ممن يسمون خطئا بالجبالية او الأمازيغ  وقعوا فى خطئا تاريخيا جما فى حق تاريخ  ليبيا بأعتمادهم مايسمى بتقويم شيشنق الذى تروج له الأكاديمية البربرية ومقرها باريس والتى تمارس قرصنة تاريخية بمحاولة ربط شيشنق بمعركة تلمسان,ولكن  لاوجود للجزائر فى حياة شيشنق  الذى حكم مصر  فى عام 950 ق.م  واحتل فلسطين ولبنان  وهو مؤسس الأسرة  الفرعونية الثانية والعشرون. فلاايمكن اذا ان نقبل ان تاريخنا يعود فقط الى عصر شيشنق فى الألف الأول قبل الميلاد متناسيين بذلك ألاف السنين التى مضت على وجود التاريخ فى ليبيا.

 و للغرض نفسه ،  حرى بالعروبيون في ليبيا ان يفخروا بالتاريخ  الليبى الذى صنعه ليبيون مثل شيشنق، وسيبتيموس سيفيروس وغيرهم  ، بدلا من الفخر بثقافة عروة بن الورد و حرب البسوس   فتلك هى ثقافة تنتمى الى الجزيرة العربية  فى عصرها الجاهلى . ارى اننا نحن  الليبيين  ممن نسمى انفسنا خطئا عربا وأمازيغ  قد ربطنا تاريخنا بايديولوجيات صنعتها قوى خارجية مثل  الأكاديمية البربرية فى باريس و كذلك  ابواق العروبة في القاهرة والشرق , واقعين بذلك فى فخا  يجعلنا  فقط شعبا تابعا ثقافيا اما لطرف او لأخر ، في حين أن تاريخنا الليبى كان يتسيد على كلاهما! حرى بنا جميعا  فى ليبيا اليوم ان ننسى تلك التسميات من عرب وامازيغ  والتى  تجعلنا فرقا تتشتت انتمئاتها شرقا وغربا و علينا أن ندرك جميعا اننا  فقط ليبيون.

7 comments:

  1. الزائر الكريم شكرا على زيارتك لمدونتى, هذا هو اول مقال باللغة العربية فى مدونتى ,ارجو المعذرة ان كانت هناك اخطائا لغوية. ارحب بتعليقاتكم جميعا,

    ReplyDelete
  2. الله يعطيك 1000 عافيه

    ReplyDelete
  3. غيداء التواتي

    سعيدة بزاية المدونة وبداية موفقة جدا

    ReplyDelete
  4. cher ami Ahmed j ai bien aime ton article c est super et courageux car les libyen connais pas leur histoir . Oui nous somme libyen et on a notre histoir et notre civilisation et on a pas besoin d histoir des arabe pour la libye !
    ecrit encore cher ami et je peu te dire BRAVO pour cette article .
    Nir al azabi

    ReplyDelete
  5. موضوع جميل جدا شكرا يا احمد على هذا السرد التاريخي الجميل و هو عليك ليس بغريب فقد استمتعت مسبقا بمواضيعك و إن كانت باللغة الانجليزية و غيرها ... موفق يا صديقي

    ReplyDelete
  6. merci Nir pour avoir visite` mon blog....thanx areej for your comment

    ReplyDelete
  7. عن مقالتي : انتحار البربر ::: في البداية يجب علينا أن نضع تحديداً واضحاً وجليّاً لمن نعني بـ (البربر)، وماذا يعني (الانتحار) أيضاً!؟، فالبربر هم مستوطنو شمال إفريقيا، وهذا هو ما تعلنه مثلاً نظريّة أيديولوجيا (العرب الأمازيغ) والتي تفتقد الى الفاعليّة والواقعيّة في ذات الوقت، إذ أنّ الواقع التاريخي يقول بعدم وجود حالة انقراض أو مرحلة فراغ بشري مرّت بها شمال إفريقيا عبر تاريخها، وعلى الجانب الموازي بعد تجاهل تفاصيل النظريّة نكتشف أن هذه النظريّة تنحاز ناحية القول بأن الهويّة الحقيقيّة لسكان الحاضرة الليبيّة هي الأمازيغيّة، فالسفر المقصود بسفر العرب الأمازيغ لم يكن يخصّ سكان تواجد الناطقين بالأمازيغيّة اليوم فقط (سكّان نفوسة وزوارة مثلاً)، بل عموم ليبيا و عموم الليبيّين تبعاً لذلك، باختصار البربر هم سكّان ليبيا سواء كانوا يتكلّمون العربيّة، يتكلّمون الأمازيغيّة أو كلاهما، (بل وحتّى ؤلائك الذين قرّروا عدم الكلام).

    قد يكون هذا التصنيف مجحفاَ نوعاً ما في حق من يعتقد حقيقة الوجود القومي العربي في ليبيا كجزءٍ من مساحةٍ أكبر تمتد على امتداد ما سميّ اغتباطاً بالوطن العربي, فهذا الوطن ليس وطن وحدةٍ عرقيّةٍ بدليل وجود كل الأعراق داخله ابتداء من الزنوج في السودان وصولاً الى الشقر في بلاد الشام وشمال إفريقيا مروراً بكل الألوان الممكنة، لكنّ البربر هنا ليسوا مجموعةً عرقيّةً متميّزةً عن غيرها، البربر في ليبيا هم الليبيّون، من ينتابهم نفس المشاعر إزاء ريح القبلي وعين الحسود، من يؤمنون بالجان ويكرهون إسرائيل، من يصلّون صلاة الاستسقاء رغم أنف ظاهرة الاحتباس الحراري، ويسافرون للخارج بغية العلاج فقط لا غير، مجتمعٌ مرنٌ يمتدّ عبر المكان الثابت خلال الزمان المتغيّر ، اللغة هي الصورة الأوضح للهويّة، والمسألة اليوم أسوأ مما كانت عليه قبل سنوات، فالشخصيّة الليبيّة المستقلّة و المميّزة عن كل من يحيطها أصبحت تتلاشى، فالعنصريّة العرقيّة والقوميّة المؤذية آخذةٌ في النمو المضطّرد، بالإضافة الى عوامل نفسيّة في العقليّة البربريّة المضطّربة (دور الضحيّة المطلق)، ممّ أدى الى تسارع وتيرة تعريب الأمازيغ في مناطق وجودهم الديموغرافي منذ أواخر القرن المنصرم (نفوسة الجبل، زوارة الساحل وغدامس الصحراء)، خصوصاً بعد انهيار سد الممانعة المذهبي (الإباضي ) أمام سيل الموجات الدينيّة المؤدلجة والوافدة، إذ أن هذه البؤر الآخذة في الانكماش، هي فقط من تعتمد في وجودها على حقيقة العلاقة بين الليبيّين و تاريخ شمال إفريقيا.

    وجد مواقف ومعتقدات مختلفة، لكن توجد ليبيا واحدة، مجتمعٌ لا يمكن أن يكون مجتمعاً ديناميكيّاً إلا عبر ذاته، فالوهم البصري الذي يخلقه اللاوعي وهمٌ ينفي حقائق تلغي فكرة الانتحار:

    • الحقيقة الأولى: الهويّة الليبيّة مبنيّةٌ على أساسٍ من التاريخ و الجغرافيا المشتركين، عبر عدد من الهويّات القوميّة المختلفة.

    • الحقيقة الثانية: أن الهويّة الليبيّة هويّةٌ واسعةٌ تكفي بالاحتفاء لكل العرقيّات، اللغات، القوميّات والمذاهب كمنظومةٍ أخلاقيّةٍ تنظمّها وقائع التاريخ الفريد لليبيا الغد.

    الهويّة مبنيّةٌ على أساس التاريخ والجغرافيا المشتركين، الهويّة الليبيّة مركبٌ تراكميٌّ، فكرة الوطن العربي فكرةٌ عنصريّةٌ محض، رغم استقرارها كجزءٍ من الوعي في دول (العربـ ـفونيك)، عبر سيلٍ من موجات الخطاب الإعلامي المتكدّس، إلا أن هذه الفكرة تعلن شيئاً من أمرين، إمّا أن يكون الناطقون بالعربيّة يعيشون على كوكبٍ منعزلٍ في الكون لا يعيش فيه سواهم، كي تصبح الفكرة واقعيّةً، أو أن هؤلاء يعيشون في عالمٍ من المتغيّرات، يحوي آخرين، تبنّوا لغاتٍ أخرى على امتداد الجغرافيا والتاريخ، لا تمت لهم بصلة، وهو حال سكان غرب إفريقيا (1: الوطن الفرنسي)، شبه الجزيرة الهنديّة (2: الوطن الانجليزي) وأمريكا اللاتينيّة - عدا البرازيل - (3: الوطن الإسباني)، فهذه المسميّات الثلاثة عنصريّةٌ، خياليّةٌ قامت ضدّها حركات تحرّرٍ واستقلالٍ على امتداد دول العالم في تاريخه المعاصر لإعلان الدولة القوميّة، بناءً عليه إمّا أن يكون الوطن العربي وهماً أو أن يكون إشكاليّةً تحتاج الى حل، لكن الفكرة الأكثر عنصريّةً هي عزل الناطقين بالأمازيغيّة في ليبيا لأنفسهم عن هذا الوطن وإرغامهم على إتباع مسلسل الانتحار.

    ReplyDelete